Monday, November 2, 2009

أكــذوبة حد الرجم لـ الزاني المحصن





أكذوبة حد الرجم لـ الزاني المحصن

قد يتجاهل الكثير منا هذا البحث ظناً منهم أنها مجرد العوبة او كذبة أبريل , ولكن سيتفاجئ الجميع عندما يعلمون وبالدليل القاطع ان حد الرجم للزاني المحصن ليست الرجم , ومن القرأن الكريم نفسه , ولكن أجتهاد السلف أدخلوا هذه العقوبة لغرض في نفس يعقوب

إن أول أمر ينبغي معرفته والانطلاق منه هو أن حد الرجم غير موجود في النص القرآني المحفوظ والمتلو بيننا , و رجم الزاني حكم توراتي تسلل الى الإسلام عبر بوابة الحديث و الروايات المتناقظة أصلاً مع نفسها و مع القرآن.

ولقد فصّل الله سبحانه و تعالى عقوبة الزنا في القرآن الحكيم كما يلي:
أسمحوا لنا أن نستعرض الموضوع على نقاط

أولاً
الزانية والزانى إذا ضبطا فى حالة تلبس، فالعقوبة مائة جلدة أمام الناس، بذلك بدأت سورة النور بافتتاحية فريدة عجيبة و غريبة ترد على أولئك الذين يتجاهلون وضوح القرآن وبيان تشريعاته، يقول تعالى فى تلك الافتتاحية الفريدة :
سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيّنَاتٍ لّعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ
وبعدها قال تعالى مباشرة
الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ
لم يقل تعالى الزاني المحصن و الزاني غير المحصن
لا حظوا أنه تعالى و صف الجلد مائة جلدة بالعذاب ، حيث قال
الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ.


ثانيا
جاءت تفصيلات القرآن بعقوبة الجارية، إذا وقعت فى الزنا
فإن كانت الجارية تحت سيطرة سيدها أو يجبرها على ممارسة البغاء فليس عليها عقوبة، إذ أنها لا تملك حرية الاختيار،
يقول تعالى
وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصّناً لّتَبْتَغُواْ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَمَن يُكْرِههُنّ فِإِنّ اللّهِ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنّ غَفُورٌ رّحِيمٌ

وإذا تزوجت الجارية وتحررت من سيطرة مالكها ووقعت فى جريمة الزنا فعقوبتها خمسون جلدة أى نصف ما على المتزوجات الحرائر إذا وقعن فى الزنا
قال تعالي
فَإِذَآ أُحْصِنّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ
لا حظوا أنه تعالى ذكر نفس الكلمة السابقة العذاب حيث قال
فَعَلَيْهِنّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ
وهي نفس الكلمة المذكورة في عقوبة الزنا للحرائر ، حيث و صف تعالى الجلد مائة جلدة بالعذاب
﴿الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾
و نصف ماعلى المحصنات الحرائر من العذاب هو خمسون جلدة و ليس نصف موت لأن الموت لا ينصف ياأصحاب العقول.

ثالثاً
الرجل إذا عجز عن إثبات حالة التلبس بالزنا على زوجته ولم يستطع إحضار الشهود فيمكن أن يشهد بنفسه أنها زانية أربع مرات، ويؤكد شهادته الخامسة بأن يستجلب لعنة الله عليه إن كان كاذباً، وتلك حالة اللعان، ويمكن لزوجة المتهم أن تدفع عن نفسها وقوع حد الزنا بأن تشهد أربع شهادات بالله بأن زوجها كاذب فى اتهامها ثم تؤكد فى شهادتها الخامسة بأن تستجلب غضب الله عليها إن كان زوجها صادقاً فى اتهامه،
يقول تعالى
وَالّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللّهِ إِنّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ. وَالْخَامِسَةُ أَنّ لَعْنَةَ اللّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ. وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللّهِ إِنّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ. وَالْخَامِسَةَ أَنّ غَضَبَ اللّهِ عَلَيْهَآ إِن كَانَ مِنَ الصّادِقِينَ

لا حظوا أنه تعالى ذكر نفس الكلمة السابقة العذاب
حيث قال
وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا الْعَذَابَ
و لم يقل هنا ( و يدرء عنها الموت) بالرغم انه في آية اخرى ذكر نفس الفعل (دراء) مع الموت وهو قوله تعالى
قل فادرؤوا عن انفسكم الموت ان كنتم صادقين
والسؤال ماهو العذاب المذكور هنا؟
إنه نفس العذاب المذكور في بداية سورة النور
الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ
أي عذاب الجلد مائة جلدة

رابعاً
تأبى تفصيلات القرآن إلا أن تضع عقوبة للزنا فى حالة استثنائية ومستبعدة، وهى افتراض وقوع نساء النبى أمهات المؤمنين فى تلك الجريمة، وهنا تكون العقوبة مائتى جلدة فى تلك الجريمة، أى ضعف ما على النساء الحرائر، وفى المقابل فلهن فى عمل الصالحات ضعف ما للمحسنات،
يقول تعالى
ياَ نِسَآءَ النّبِيّ مَن يَأْتِ مِنكُنّ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً. وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنّ للّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً
لا حظوا أنه تعالى ذكر نفس الكلمة السابقة العذاب
حيث قال
يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ
و هي نفس الكلمة المذكورة في بداية سورة النور
الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ
و هو عذاب في الدنيا و الآخرة
ولأن العقوبة هنا مضاعفة كان لابد من كون الجريمة مثبتى أو بالتعبير القرآنى "من يأت منكن بفاحشة مبينة" فالأمر هنا يخص نساء النبى أمهات المؤمنين، وهو أمر فظيع هائل لابد من التثبيت فيه
طبعاً الآية تأدبية و تعليمية لنساء النبي طهرهن الله و أذهب عنهن الرجس.

خامساً
ومن الصعب إثبات حالة التلبس فى جريمة الزنا، ومن الصعب أيضاً أن يحدث إقرار بالوقوع فى الزنا ينتج عنه عقوبة الجلد، ولكن من السهل أن يشاع عن امرأة ما بأنها سيئة السلوك، وتتكاثر الشواهد على سوء سمعتها، وحينئذ لابد من عقاب مناسب بعد الإشهاد عليها بأربعة شهود بأنها من اللاتى (يأتين الفاحشة) ولكن لم يتم ضبطها، وذلك العقاب ليس الجلد، وإنما هو عقاب سلبى، يكون بمنعها عن الناس ومنع الناس عنها إلى أن تموت أو تتزوج وتتوب
يقول تعالى
وَاللاّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنّ أَرْبَعةً مّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنّ فِي الْبُيُوتِ حَتّىَ يَتَوَفّاهُنّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنّ سَبِيلاً
كما أن النص القرآني السابق يتكلم عن الفاحشة بين النساء فقط – السحاق- بدليل استخدام كلمة - اللاتي - التي هي ضمير جمع للإناث ، وبدليل وجود حكم زجر وعلاج خاص بهن, وهو الإمساك في البيوت, الذي يقصد به تقليص نشاطهن الاجتماعي إلى الحد الأدنى, ويخضعن للمراقبة إلى أن يمتن أو يتعالجن من مرضهن ذلك, فيرجعن إلى فاعليتهن الاجتماعية السليمة.

بعدها مباشرة قال تعالى عن الرجال
وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
فقال عن المثنى من الرجال (وَاللَّذَانَ ) ليؤكد ان الكلام عن اثنين من الرجال ارتكبا الفاحشة التى ليست زنا ـ لأن الزنا هو الفاحشة بين الذكر و الأنثى
أى أن الآية الكريمة تتحدث عن الشذوذ الجنسى بين إثنين من الذكور

وهي هنا تبين عقوبة ما يسمى باللواط وهو الإيذاء ، و قد ترك الخالق عز و جل للحاكم حرية تحديد ماهو الإيذاء و الذي قد يكون الضرب أو الصفع أو الحبس أو إدخالة مصحة للعلاج من هذا الابتلاء أو غيره و لكنه بالتأكيد ليس القتل بدليل
قوله تعالى
فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
و الكلام و اضح

سادساً
وقد تكون الزانية زوجة مطلقة لا تزال فى فترة العدة، ومن حق المطلقة فى فترة العدة أن تظل فى بيت الزوجية، ولكن تفقد هذا الحق إذا وقعت فى الزنا، وحينئذ يكون من حق زوجها أن يطردها ولكن بشرط أن تكون جريمة الزنا مثبتة حتى لا يتاح لزوجها أن يتجنى عليها بالباطل، يقول تعالى عن تلك الزوجة المطلقة
لاَ تُخْرِجُوهُنّ مِن بُيُوتِهِنّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ
والقرآن يصف الفاحشة بأنها "فاحشة مبينة" أى مثبتة ضماناً لعدم الافتراء بلا دليل, وعقوبة الطرد هنا تضاف إلى العقوبة الأخرى وهى مائة جلدة.

سابعاً
وهناك عقوبة أخرى لتلك الزوجة المطلقة إذا وقعت فى الزنا بعد الطلاق، وهى أنه من حق الزوج أن يمنعها عن الزواج إلى أن تدفع له بعض ما أعطاه لها فى الصداق أو المؤخر
والشرط أن تكون جريمة الزنا فى حقها مثبتة بالدليل
يقول تعالى
يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النّسَآءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنّ إِلاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ
والعضل هو منع المرأة من الزواج، والقرآن يحرم العضل إلا فى حالة المطلقة الزانية.. فيجعل من حق الزوج أن يمنعها الزواج إلى أن تعيد له بعض ما دفعه إليها فى المهر

ثامناً
وفى كل الأحوال فالمرأة الزانية التى لا تتوب عن الزنا لا يتزوجها المؤمن، وتلك عقوبة أخرى إضافية،
يقول الله تعالى
الزّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
والتشريع القرآنى المحكم يصف عقوبة الزنا- التى هى الجلد- بأنها "عذاب". والعذاب يعنى أن يظل الجانى حياً لا يموت، وبتعبير آخر لا محل هنا لعقوبة الرجم التى تعنى الموت
والقرآن حين تحدث عن عقوبة الزنا قال
الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ
لم يقل الزانى المحصن والزانية المحصنة أو غير المحصنة، وإنما جاء بالوصف مطلقاً "الزانية والزانى" وقدم الزانية على الزانى لأن المرأة هى العامل الأكثر تأثيراً فى تلك الجريمة، بينما قال عن السرقة
وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوَاْ
لأن الرجل هو الأساس والعنصر الغالب فى جريمة السرقة
والمهم أن عقوبة الزنا مطلقاً هى الجلد
فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ
ووصف القرآن عقوبة الجلد هنا بأنها عذاب فقال
فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ
إذن فالجلد هو العذاب..

وفى حالة الجارية التى تزنى بعد زوجها قال تعالى:
فَإِذَآ أُحْصِنّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ
أى خمسون جلدة، أى أنه وصف عقوبة الجلد للجارية بأنه عذاب.. والقائلون بأن التى تتحصن بالزواج ثم تزنى تعاقب بالرجم كيف يفعلون
فَعَلَيْهِنّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ
هل يمكن تصنيف الرجم؟ وهل هناك نصف موت؟
وفى حالة نساء النبى يقول التشريع القرآنى
ياَ نِسَآءَ النّبِيّ مَن يَأْتِ مِنكُنّ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ
فوصف عقوبة الجلد بأنه "عذاب" أى مائتا جلدة.. والقائلون بأن عقوبة المتزوجة هى الرجم كيف يحكمون بمضاعفة الرجم لنفس الشخص؟ وهل يموت الشخص مرتين؟

والرجل إذا عجز عن إثبات حالة التلبس بالزنا على زوجته ولم يستطع إحضار الشهود فيمكن أن يشهد بنفسه أنها زانية أربع مرات، ويؤكد شهادته الخامسة بأن يستجلب لعنة الله عليه إن كان كاذباً، وتلك الحالة اللعان، ويمكن لزوجة المتهم أن تدفع عن نفسها وقوع حد الزنا بأن تشهد أربع شهادات بالله بأن زوجها كاذب فى اتهامها ثم تؤكد فى شهادتها الخامسة بأن تستجلب غضب الله عليها إن كان زوجها صادقاً فى اتهامه
يقول تعالى
وَالّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللّهِ إِنّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ. وَالْخَامِسَةُ أَنّ لَعْنَةَ اللّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ. وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللّهِ إِنّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ. وَالْخَامِسَةَ أَنّ غَضَبَ اللّهِ عَلَيْهَآ إِن كَانَ مِنَ الصّادِقِينَ

ويهمنا هنا أن وصف عقوبة الزنا بأنها عذاب، فقال "ويدرؤ عنها العذاب" وهو نفس الوصف الذى سبق لعقوبة الجلد.. إذن عقوبة المتزوجة المحصنة هى الجلد وليس الرجم.

ثم إن تشريعات القرآن فى الآيات السابقة تعامل المرأة الزانية على أنها تظل حية بعد اتهامها بالزنا وإقامة عقوبة الجلد عليها وكذلك الزانى فالقرآن الكريم يحرم تزويج الزانى أو تزويج الزانية من الشرفاء، فلا يصح لمؤمن شريف أن يتزوج زانية مدمنة للزنا ولا يصح لمؤمنة شريفة أن تتزوج رجلاً مدمناً على الزنا
الزّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
ولو كان مصير الزانى أو الزانية هو الرجم موتاً لما كان هنا تفصيل فى تشريعات حياته طالما هو محكوم عليه بالموت، ونفس الحالة فى إضافة عقوبات للمطلقة الزانية بإخراجها من البيت ومنعها عن الزواج حتى تدفع بعض المهر، وإذا كانت هناك عقوبة الرحم على تلك الزانية المحصنة لما كان هناك داع لتشريع يمنعها عن الزواج ثانياً ويسمح بطردها من البيت فى فترة العدة.

وأكثر من ذلك
فالله تعالى يتوعد الزناه بمضاعفة العذاب والخلود فيه يوم القيامة، إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً، فأولئك يبدل الله تعالى سيئاتهم حسنات
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً. إِلاّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـَئِكَ يُبَدّلُ اللّهُ سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رّحِيماً
فإذا كان مصير الزانى هو الرجم السريع فلن تكون له فرصة للتوبة والإيمان والعمل الصالح المتراكم الذى تتبدل به سيئات الزنا إلى حسنات. بحيث تختفى عنه صفة الزانى ليحل محلها وصف الصالح عند الله تعالى..

ومع هذا البيان الواضح فى تشريعات القرآن فإن أحاديث الرجم والانشغال بها أضاعت تشريعات القرآن فيما يخص تفصيلا العقوبة فى جريمة الزنا، أو بتعبيرهم "نسختها" وأبطلت حكمها. ومع أن عقوبة الرجم لم ترد فى القرآن ومع أن العقوبة الواردة فى جريمة الزنا تؤكد على أنه الجلد فقط إلا أن اقتناع المسلمين بأكذوبة الرجم جعلته الأساس التشريعى السائد حتى الآن فى كتب التراث وفى تطبيق الشريعة لدى بعض الدول (الإسلامية)

------------------------------

أكذوبة حد الرجم فى الأحاديث

أولاً
مع اختراع عقوبة رجم الزاني في العصر العباسي الا انها لم تكن محل اتفاق ، ويعترف فقهاء السنة المعاصرون برفض المعتزلة والخوارج لعقوبة الرجم - سيد سابق : فقه السنة 2/ 347 ، موسوعة الفقه علي المذاهب الاربعة 5/ 69 تأليف عبد الرحمن الجزيري.

ثانياً
أقدم أحاديث عن الرجم جاءت في موطأ مالك، فى رواية محمد بن الحسن الشيباني
جاء في موطأ مالك رواية محمد بن الحسن الشيباني بتعليق وتحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف تحت عنوان باب الرجم ورقم 693 الحديث التالي ( : اخبرنا مالك ، حدثنا يحيى بن سعيد انه سمع سعيد بن المسيب يقول : لما صدر عمر بن الخطاب من منى اناخ بالابطح ، ثم كوم كومة من بطحاء ، ثم طرح عليها ثوبه ، ثم استلقي ومد يده الي السماء ، فقال : اللهم كبرت سني ، وضعفت قوتي ، وانتشرت رعيتي ، فأقبضني اليك غير مضيع ولا مفرط ، ثم قدم المدينة ، فخطب الناس ، فقال : يا ايها الناس : قد سننت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم علي الواضحة ، وصفق بأحدى يديه علي الاخري ، الا ان لا تضلوا بالناس يمينا وشمالا ، ثم اياكم ان تهلكوا عن اية الرجم ،ان يقول قائل : لا نجد حدين في كتاب الله ، فقد رجم الرسول ( ص) ورجمنا ، واني والذي نفسي بيده : لولا ان يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله لكتبتها : الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة ، فانا قد قرأناها ، قال سعيد : فما انسلخ ذو الحجة حتي قتل عمر .!! ) انتهي ( ص 241 من موطأ مالك . ط2 . المكتبة العلمية )

أى إن الراوى الأصل للحديث هو سعيد بن المسيب الذى يقول ان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب خطب فيهم يؤكد وجود عقوبة الرجم فى القرآن الكريم فى آية تم حذفها . ولكن سعيد بن المسيب كان عمره عامين فقط حين قتل عمر بن الخطاب ، فكيف يروى طفل يحبو عن عمر بن الخطاب .
اذن يستحيل ان يكون سعيد ابن المسيب راويا لهذا الحديث عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب .
فالمعروف ان المؤرخ محمد بن سعد اعلن في كتابه ( الطبقات الكبري ) في ترجمة سعيد بن المسيب ان سعيد ابن المسيب لم يلق عمر بن الخطاب ، حيث مات عمر بن الخطاب وابن المسيب كان طفلا في الثانية من عمره ، لذلك قام الإمام البخاري و مسلم بتلافي هذا الخطأ ، اذ اسندا الرواية نفسها وروايات اخري اكثر تفصيلا ليس الي سعيد بن المسيب ولكن الي عبد الله بن عباس .
كما يستحيل أن يقول عمر بن الخطاب هذا الكلام لأن معناه أن عمر بن الخطاب يتهم القرآن الكريم بأنه تم التلاعب فيه وهذا يعد كفرا بقوله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )
ومن حيث متن الحديث فهو ساقط.

وهناك رواية اخري في الرجم في الموطأ تحت رقم 692 ، وهي رواية ساقطة بكل المقاييس لأن مالك يرويها عن ابن شهاب ( الزهري ) الذي يروي الحديث بنفسه ، مع ان ابن شهاب الزهري عاش فى نهاية العصر الأموى ،وكان من التابعين ولم ير النبي عليه الصلاة السلام ولم يدرك عصره ،
ومع ذلك نقرأ في الموطأ الاتي ( اخبرنا مالك ، اخبرنا ابن شهاب ان رجلا اعترف علي نفسه بالزنا علي عهد رسول الله ( ص) وشهد علي نفسه اربع شهادات ، فأمر به فحد . قال ابن شهاب : فمن اجل ذلك يؤخذ المرء باعترافه علي نفسه .)

ثالثاً
وتوالت بعد مالك أحاديث أخرى كتبها الشافعى والبخارى ومسلم ، وهى أحيانا تزعم وجود آيات فى القرآن عن الرجم تم حذفها ، فمثلا يقول الإمام البخارى المتوفى عام 256 يروى عن عمر بن الخطاب الذى توفى قبله بأكثر من مائتى عام :
( ثم انا كنا نقرأ من كتاب الله ان لا ترغبوا عن آبائكم فانه كفر بكم ان ترغبوا عن آبائكم .. الخ …) ومعني ذلك ان هناك آيات من القرآن لم تتم كتابتها واعلن عمر عنها فيما بعد ..
تعالى الله عما يقولون......

رابعاً
لم تنجح احاديث الموطأ بعد موت مالك سنة 197 هـ في اقناع المنكرين لحد الرجم مما حمل الإمام البخاري المتوفي سنة 256 هـ علي ان يأتي برواية اخري تقول ان احدهم سأل عبد الله بن ابي اوفي وهو من الصحابة المتأخرين
(هل رجم رسول الله ؟ قال : نعم ، قلت : قبل سورة النور ام بعد ؟ قال : لا ادري )
وجاء الإمام مسلم بنفس الرواية في اسنادين مختلفين ، والمستفاد من الرواية ان اصرار منكري الرجم علي الاكتفاء بعقوبة الجلد للزاني لمحصن وغير المحصن حملت رواة الحديث علي صناعة تلك الرواية لتمنع التعارض بين عقوبتي الرجم والجلد .

خامساً
يستند القائلون بالرجم على بعض الأحاديث و الروايات المتناقضه منها حديث لشخص اسطورة اسمه ماعز الأسلمي ، و اليكم الحديث من دون أن يطاله مقص الرقيب.
يقول الإمام البخاري ( حدثني عبد الله بن محمد الجعفي ، حدثنا وهيب بن جرير ، حدثنا ابي قال : سمعت يعلي بن حكيم عن عكرمة عن ابن عباس قال :
لما اتي ماعز بن مالك النبي ( ص) قال له : لعلك قبلت او غمزت او نظرت ،
قال : لا يا رسول الله :
قال : انكتها ؟ لا يكني ، قال فعند ذلك امر برجمه.

ونحن نعتذر اذ نضطر لذكر حديث البخاري بلفظه الذي يخدش الحياء ، ونعتقد ان النبي عليه الصلاة و السلام لا يمكن ان يقول هذا القول الفاحش لأنه عليه الصلاة و السلام ما كان سبابا ولا فحاشا .
فهل اللغة العربية فقيرة في مصطلحاتها حتى يقول الرسول ذو الخلق العظيم (أنكتها = هل نكتها ؟
أما إذا كنتم تعتقدون بأن الرسول الكريم قد قال ذلك - وحاشاه- فلماذا لا تذكرون الحديث بصيغته الأصلية ، لماذا لا تذكروه في الكتب المدرسية من دون مقص الرقيب و لماذا لا تعلنوه عبر المآذن و خطب الجمعة بصيغتة الأصلية؟؟!!


سادساً
ونفس الحال مع حديث المرأة التي اعترفت بالزنا ورجموها بزعمهم ..
نجد البداية بسيطة في الحديث رقم 696 في موطأ مالك يرويه مالك عن يعقوب بن يزيد عن ابيه عن عبد الله بن ابي مليكة ،
ان امرأة اتت الي النبي فأخبرته انها زنت وهي حامل ، فقال لها اذهبي حتي تضعي فلما وضعت اتته فقال لها : اذهبي حتي ترضعيه ، فلما ارضعته اتته فقال لها ": اذهبي ختي تستودعيه فاستودعته ، ثم جاءته فأمر بها فأقيم عليها الحد .
هذه القصة الدرامية المحزنة اهملها البخاري واحتفل بها مسلم فألحق قصتها بقصة ماعز في رواية طويلة مؤثرة ،
ثم افرد لها رواية اخري ، واعطي مسلم تلك المرأة اسما هو الغامدية ، وفي رواية اخري قال انها من جهينة .
والقصة كفيلة بتشويه الاسلام وسيرة النبي عليه الصلاة و السلام ، فالقصة تقول ان المرأة جاءت للنبي تعترف بالزنا وتطلب منه ان يطهرها بالرجم ، وتعبير التطهير بالموت مصطلح مسيحي ليس له اصل في الاسلام ،
واعترفت بأنها حبلي ، فأمهلها النبي – فيما يزعمون – الي ان تلد ، فلما ولدت جاءت بالصبي في اللفائف ، فقال لها اذهبي فأرضعيه حتي يفطم ويأكل الطعام ، ثم جاءت له بعد فطام الطفل ، فأمر بالطفل فكفله رجل من المسلمين ، ثم امر بحفر حفرة لها الي صدرها ، وامر الناس فرجموها ، فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمي به رأسها فتطايرت دماؤها علي وجه خالد فشتمها خالد ، فقال النبي " انها تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له " .

هذه القصة المؤلمة حيكت خصيصا للاجابة علي سؤال فقهي ، هو اذا كان حد الزنا هو الرجم ، أي الموت ، وليس الجلد كما في القرآن ، فكيف اذا كانت الزانية المحصنة حاملا من هذا الزنا او من قبله ؟ وهل يحكم عليها وعلي مولودها بالموت ؟ لذلك جاءت الفتوي في هذا الحديث بإمهال المرأة الي ان تضع وليدها وتفطمه ، وكأنهم بذلك قد اراحوا ضمائرهم حين يكفل الطفل اخرون بعد اعدام امه في تشريع ليس له اصل في القرآن او في الاسلام ، ولم يعرفه الرسول عليه الصلاة و السلام .


سابعاً
والتناقض سمة اساسية من سمات الاحاديث
فمثلا نجد احاديث حجة الوداع تجعل عقوبة من تأتي الفاحشة من نساء المؤمنيين الضرب و ليس الرجم.
أيها الناس: ان لنسائكم عليكم حقا, ولكن عليهنّ حق ألا يوطئن فرشكم غيركم, ولا يدخلن أحدا تكرهونه بيتكم الا باذنكم, ولا يأتين بفاحشة (مبينة) ؛ فان فعلن, فان الله قد أذن لكم أن تعضلوهن, وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح, فان انتهين وأطعنكم, فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وانما النساء عندكم عوان, ولا يملكنّ لأنفسهن شيئا, أخذتموهن بأمانة الله, واستحللتم فروجهن بكلمة الله.)

ثامناً
والتناقض سمة اساسية من سمات الاحاديث ، ويظهر التناقض في احاديث الرجم علي نوعين: تناقض جزئي في التفصيلات الخاصة بالرواية الواحدة، وتناقض اساسي بين الروايات المختلفة.
ومن هذا النوع الاخير حديث جاء به البخاري
عن رجل اعترف للنبي بالزنا فاعرض عنه النبي الي ان حضر الصلاة فصلي مع النبي ، ثم قام الرجل للنبي ثانيا يعترف له ويطلب اقامة الحد عليه ، فقال له النبي : اليس صليت معنا ؟ قال نعم ، قال : فان الله غفر لك ذنبك )
أي ان الصلاة تغفر الذنب و تمحو عقوبة الرجم ، وهذا ما يتناقض مع الاحاديث الاخري التي تنضخ بدماء الضحايا من المرجومين حسب زعمهم.

تاسعاً
هنا ننقل عن البخاري من باب المناقب حديث رقم 3560 يقول
" حدثنا نعيم بن حماد حدثنا هشيم عن حصين عن عمرو بن ميمون قال : رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم "
أي ان مجتمع القرود في الجاهلية كانت له الأسبقية في تطبيق حد الرجم ..
فعندما تقابلون ربكم و يسألكم لماذا رجمتم الزناة و لم تطبقوا عليهم حد الجلد ، فقولوا له أخذنا ذلك من القرود.
ولا حول ولا قوة الا بالله
يقول تعالى
(انا انزلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون )


عاشراً
الشيخ الكبير محمد أبو زهرة يفجر قنبلة فقهيه بإنكارة رجم الزاني المحصن.
لقصة رجم الزاني المحصن في حياة المسلمين قديماً وحديثا تاريخ حافل بالطرائف والنوادر، بحيث لو جمعت في كتاب، لكان من أمتع الكتب وأوسعها، وأندرها وأجدرها بالقراءة المرة تلو المرة ، ولا أريد هنا تكرار ما أكل عليه الدهر وشرب، وصار في حكم محفوظات الأطفال،

وإنما أدعو للوقوف مليا أمام ما حكاه الشيخ القرضاوي في مذكراته عند حديثه عن مؤتمر ندوة التشريع الإسلامي المنعقدة في مدينة البيضاء في ليبيا عام (1972).
قال تحت عنوان أبو زهرة يفجر قنبلة:
وفي هذه الندوة فجر الشيخ أبو زهرة قنبلة فقهية، هيجت عليه أعضاء المؤتمر، حينما فاجأهم برأيه الجديد.
وقصة ذلك: أن الشيخ رحمه الله وقف في المؤتمر، وقال: إني كتمت رأيًا فقهيًّا في نفسي من عشرين سنة، وكنت قد بحت به للدكتور عبد العزيز عامر، واستشهد به قائلا: أليس كذلك يا دكتور عبد العزيز? قال: بلى. وآن لي أن أبوح بما كتمته، قبل أن ألقى الله تعالى، ويسألني: لماذا كتمت ما لديك من علم، ولم تبينه للناس? هذا الرأي يتعلق بقضية "الرجم" للمحصن في حد الزنى،
فرأى أن الرجم كان شريعة يهودية، أقرها الرسول في أول الأمر، ثم نسخت بحد الجلد في سورة النور.

قال الشيخ: ولي على ذلك أدلة ثلاثة:
الأول:
أن الله تعالى قال: "فإذا أُحصِنَّ فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب" [النساء: 25]،

والرجم عقوبة لا تتنصف، فثبت أن العذاب في الآية هو المذكور في سورة النور: "وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" [النور: 2].

والثاني:
ما رواه البخاري في جامعه الصحيح عن عبد الله بن أوفى أنه سئل عن الرجم.. هل كان بعد سورة النور أم قبلها? فقال: لا أدري
فمن المحتمل جدًّا أن تكون عقوبة الرجم قبل نزول آية النور التي نسختها

الثالث:
أن الحديث الذي اعتمدوا عليه، وقالوا: إنه كان قرآنًا ثم نسخت تلاوته وبقي حكمه أمر لا يقره العقل، لماذا تنسخ التلاوة والحكم باق؟ , وما قيل: إنه كان في صحيفته فجاءت الداجن وأكلتها لا يقبله منطق.

وما إن انتهى الشيخ من كلامه حتى ثار عليه أغلب الحضور، وقام من قام منهم، ورد عليه بما هو مذكور في كتب الفقه حول هذه الأدلة.
ولكن الشيخ ثبت على رأيه
ثم قال القرضاوي أنه لقيه بعد انفضاض الجلسة،
وقال له : يا مولانا، عندي رأي قريب من رأيك، ولكنه أدنى إلى القبول منه. قال: وما هو? قلت: جاء في الحديث الصحيح: "البكر بالبكر: جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب: جلد مائة، ورجم بالحجارة".

قال: وماذا تأخذ من هذا الحديث? قلت: تعلم فضيلتك أن الحنفية قالوا في الشطر الأول من الحديث: الحد هو الجلد، أما التغريب أو النفي، فهو سياسة وتعزير، موكول إلى رأي الإمام، ولكنه ليس لازمًا في كل حال.

الله أكبر , معنى ذلك أن للحنفية وهم أحد مذاهب أهل السنة الأربعة رأي في رجم الزناة يخالف رأي بقية المذاهب
ويرون أن الرجم للزاني المحصن هو حكم تعزيري و ليس و اجباً القيام به و متروك للحاكم القيام به أو عدم القيام به.
وذلك بعكس الجلد مائة جلدة الذي هو حكم لا بد من تنفيذة إذا ثبت

وعلى هذا فثبت ما جاءت به الروايات من الرجم في العهد النبوي، فقد رجم يهوديين، ورجم ماعزا، ورجم الغامدية، وبعث أحد أصحابه في قضية امرأة العسيف، وقال له: اغدُ يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها. وكذلك ما روي أن عمر رجم من بعده، وأن عليا رجم كذلك.

ولكن الشيخ لم يوافق على رأيي هذا،
وقال لي: يا يوسف، هل معقول أن محمد بن عبد الله الرحمة المهداة يرمي الناس بالحجارة حتى الموت?
توقفت طويلا عند قول الشيخ أبي زهرة عن رأيه: أنه كتمه في نفسه عشرين عاما، لماذا كتمه، ولم يعلنه في درس أو محاضرة أو كتاب أو مقالة?

لقد فعل ذلك خشية هياج العامة عليه، وتوجيه سهام التشهير والتجريح إليه، كما حدث له في هذه الندوة.
وقلت في نفسي: كم من آراء واجتهادات جديدة وجريئة تبقى حبيسة في صدور أصحابها، حتى تموت معهم، ولم يسمع بها أحد، ولم ينقلها أحد عنهم!!


بحث منقول للفائدة

No comments:

Post a Comment