Saturday, December 11, 2010

المكيافيلية و الكواكبية


الملوك والأمراء والرؤوساء
بين
المكيافيلية و الكواكبية

أقرأ ثم أحكم ...


مكيافيلي ...من هو ؟
معلم المستبدين والطغاة
ميكافيللي ( 1469 - 1527) مفكر وفيلسوف سياسي إيطالي ولد في فلورنسا إبان عصر النهضة, أصبح الشخصية الرئيسية والمؤسس للتنظير السياسي الإستعماري والإستبدادي ، أشهر كتبه على الإطلاق كتاب الأمير، والذي هدف منه مكيافيلي أن يكتب لأحد الأمراء المستبدين مرجع يضم له التعليمات للسيطرة على الدولة والشعب ، صاحب المقولة المشهورة "الغاية تبرر الوسيلة" , نُشر الكتاب بعد موته .


الكواكبي ...من هو ؟
مصارع الاستعباد
عبد الرحمن الكواكبي 1854 – 1902) ) مفكر وعلامة عربي سوري رائد من رواد التعليم ومن رواد الحركة الإصلاحية العربية وكاتب ومؤلف ومحامي وفقيه شهير, أشهر كتبه على الأطلاق كتاب طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد معاكس تماماً لكتاب الأمير , عرض فيه ما أسماه داء الاستبداد السياسي.



لمحات من كتاب الأمير لـ مكيافيلي


كتب ميكافيلي كتاب الأمير وصارت أفكاره مصدرا اساسياً ومرجعاً لكل حاكم مستبد يسعى للحفاظ على سطوته وجبروته , ووضح في الكتاب كيفية السيطرة المطلقة على الدولة والشعب مستبيحاً أي وسيلة تحقق ذلك , كل شيئ مباح ( القتل , الخداع , الكذب , الوحشية , التستر برداء الأخلاق والدين ...الخ)

يقدم نصائح للحكام في الكتاب كالتالي :
"الغاية تبرر الوسيلة"
"خير لك أن يخشاك الناس على ان يحبوك"
"الحاكم المخادع سيجد دائماً من يستجيب لخداعه"
"لمعرفة مدى ذكاء الحاكم انظر للذين جمعهم من حوله"
"الناس بسطاء ويرضخون بسهولة من أجل احتياجاتهم الضرورية اليومية لذلك لديهم الإستعداد لقبول خداع من يخدعهم"
"الناس يخافون من الحاكم الباطش أكثر من الحاكم الطيب"
"من الضروري للحاكم أن يفترض أن جميع الناس الذين يحكمهم جبلوا على الشر وأنهم ان تركت لهم الحرية فسوف يتصرفون بموجب طبيعتهم الشريرة"
"الحاكم الداهية لا يلتزم بعهد او وعد كان قد تعهد به ان كان ذلك ضد مصلحته عندما يزول السبب الذي من أجله قطع على نفسه هذا العهد"


الفصل الثالث من الكتاب:
يُعلم مكيافيلي الحاكم في هذا الفصل فن الإستعمار وفن تجويع الشعب ليضمن انشغالهم عنه وعن نظام حكمه بالحصول على لقمة العيش , فإن أراد ان يحتل أرضا ولكن لسكانها ثقافة وعادات مختلفة فعلية ان يقوم بأقامة مستعمرات في أهم الأماكن في الأراضي المستعمرة , فيرسل المستعمرين من أقاربه والمؤيدين له والمنتفعين من نظامه ليستولوا على بيوت واراضي وممتلكات الأخرين , وستكون الأمور على مايرام بالنسبة للحاكم اذا ظل أصحاب الأرض الأصليين في فقر وذل , وصاروا عبيدا للسادة المحتلين...

ويقول أيضاً :
المستعمرات ستكلف الحاكم أموالا أقل فهو يستطيع إرسال المستعمرين للأقامة هناك بأستمرار بدون أي تكلفة مادية يدفعها او بتكلفة قليلة , والضرر سيقع فقط على هؤلاء الذين ستؤخذ بيوتهم او أرضيهم لمنحها للمقيمين الجدد , وهذا يعتبر نوعا من الحماية للدولة , أما من تضرروا فأنهم لن يستطيعوا الانتقام من الحاكم إن ظلوا فقراء ومتفرقين , وأما الباقون الذين لم تصبهم مضرة فمن السهل تهدأتهم , حيث أنهم سيخشون لقاء نفس المصير فإن اعترضوا فسوف يجردون من ممتلكاتهم أيضاً ..

ونصح الأمير (الحاكم) بقوله :
يجب أن تلاحظ ان الرجال إما أن يستمالوا أو تتم أبادتهم , كما أنهم يثأرون لأنفسهم في الأمور الصغيرة لكنهم لا يستطيعون ذلك في الأمور الكبيرة

الفصل الثامن من الكتاب :
يلقن الحاكم كيف يحافظ على عرشه بطريقة لا تجعل الشعب يثور عليه حتى لو ارتكب جرائمه الوحشية في حق شعبه , بمعني كيفية ارتكاب الجرائم بشكل لائق ومهذب !! (يقتل القتيل ويمشي في جنازته هي أساسها فكرة مكيافيلية) ...

وينصح الحاكم قائلاً :
عندما تستولي على أي مدينة , فأنه يجب على المنتصر أن يخطط لجميع جرائمه مرة واحدة حتى لا يضطر للعودة اليها في وقت آخر , وأن تكون له القدرة على اتخاذ تغييرات جديدة تؤكد للعامة الحرص على مصلحتهم ليكسبهم الى صفه , واذا كانت الأخطاء لا بد واقعة فيحسن أن تكون دفعة واحدة حتى تكون أقل تأثيرا من واقعات متعددة تبقى آثارها , أما المزايا والهبات فيجب أن يتم إعطاؤها للرعايا جرعة جرعة حتى يستمتعوا بها ويشعروا بفائدتها وتتكون عندهم نظرة إيجابية عن الحاكم ...


الفصل التاسع من الكتاب:
ينبه الحاكم هنا أن لا يقيم وزنا كبيرا لشعبه , وإنما يجب عليه أن يغدق على المقربين منه والمساعدين له ويمنحهم الإمتيازات والتسهيلات ليكونوا سندا له وابواقا له أمام الشعب الغوغائي , ويضيف قائلاً : لا أعتقد أن هناك من يخالفني القول بأنه "من يبني على الشعب يبني على الطين"...

الفصل السابع عشر من الكتاب :
يبدأ بسؤال , أيهما أفضل للحاكم أن يكون محبوباَ او يكون مهابا ومصدر خوف لرعاياه !؟
ثم يخرج بنتيجة : أن الحاكم لا بد إن لم يستطع أن يحقق الصفتين معاً فالأفضل له أن يكون مهابا مخيفاً من أن يكون محبوبا , فلا مانع من التنكيل ببعض الناس وإعدام بعضهم وجعلهم عبرة لمن تسول لهم أنفسهم والتمرد على حكمه , ويضيف قائلاً : أن تنفيذ حكم الإعدام في عدد قليل من الناس لن يؤذي احدا غيرهم...

الفصل الثامن عشر من أخطر فصول الكتاب:
يعلم الحاكم أنه لن يظل حاكما ولن يحفظ عرشه الا اذا أخلص لمبدأ : "الغاية تبرر الوسيلة" , فلا مانع ان يخدع شعبه ولا مانع ان يقدم لهم وعود وعهود لا يلتزم بها أبدا , لا مانع بأن يسمح بتفشي الفساد وأن يغمض عينية ويسد اذنية عن ذلك , ولا مانع من أستغباء الشعب بأن يدلي بتصريحات كاذبة تخالف الواقع لان معظم الناس جهلاء أغبياء والقليل منهم من يفهمون ! , لا مانع ان يلبس ثياب المتدين ويظهر بمظهر المحافظ على الدين وتعاليمه واحكامه وشرائعه فهذا سيضمن له سكوت الشعب المتدين بطبعه والذي تنطلي عليه هذه الحيل ...

ويقول أيضاً :
تجارب عصرنا تدل على ان اولئك الامراء الذين حققوا اعمالاً عظيمة هم من لم يوفوا بالعهد الا قليلاً وهم من أستطاعوا ان يؤثروا على الناس بما لهم من مكر , كما أستطاعوا التغلب على من جعلوا الأمانة هادياً لهم..

ثم قال :
على الحاكم ان لا يحفظ عهدا يكون الوفاء به ضد مصلحته , والا يستمر في الوفاء بوعد أنتهت اسباب الأرتباط به , ولن يفشل الحاكم في أختلاق الاعذار المقبولة التي يبرر بها عدم الوفاء بالعهد , وحيث أن البسطاء من الناس على استعداد لقبول الامر الواقع ومن يخدعهم سيجد من بينهم من يقبل أن ينخدع بسهولة , ومن المفيد ان يظهر الحاكم بصورة الرجل الرحيم الوفي الصادق المتدين ولكن خلف الكواليس يعمل ما يحلو له , لأن الناس دائما ما يحكمون على ما يرونه بأعينهم وليس على ما يدركونه , فكلنا نستطيع الرؤية ولكن قلة قليلة تستطيع ان تدرك واقع الحال وحقيقته , وهذه القلة لا تقدر على مواجهة الكثرة التي تحميها سطوة الحاكم , فعلى الحاكم ن يضع نصب عينيه الفوز بالحكم والمحافظة عليها وسوف يحكم الجميع على وسائله بأنها نبيلة وسيمدحونها أيضا , فعامة الناس يحكمون على الأشياء من مظهرها الخاجي , وهذا العالم لا يتكون الا من هؤلاء العامة ...

الفصل التاسع عشر :
يحذر الحاكم هنا من خطورة الالتزام بالعدل والحق والخير , فهذه القيم كانت السبب وراء سقوط الحكام القدماء وانهيار دولهم , ومن هنا يتضح ان الأعمال الصالحة في الحكم قد تجلب الكراهية كالأعمال الشريرة أيضا , ولذلك فإن الحاكم الذي يريد ان يحافظ على حكمه عليه أن يقترف بعض الشرور...

الفصل العشرين:
ينصح الحاكم بأن يظهر امام شعبه بصورة الرجل الذي عنده حلول لكل مشاكل البلاد , لذلك عليه من حين لآخر ان يكون هو نفسه وراء مشكلة تؤرق الشعب ولا يحلها أحد سواه , وعليه أن يزرع الفتن والعداء بين طوائف الناس المختلفة ثم يقوم بالقضاء عليها واراحة الناس من شرها , وبذلك يظل الزعيم العظيم الملهم وحامي الحمى والذي لا ينام ولا يهدأ له بال من أجل شعبه الحبيب !! ...

ويضيف أيضاً :
ما من شك ان الحكام يصبحون عظماء حين يتغلبون على ما يواجهونه من معارضة ومن صعاب , مما جعل البعض يرى ان على الحاكم العاقل ان يثير العداء بين الرعية بدهاء حين تسنح الفرصة حتى تزداد عظمته حين يسيطر على الموقف ويقضي على بذور الفتنة.



لمحة من كتاب طبائع الأستبداد ومصارع الاستعباد للكواكبي

يشير الكواكبي في كتابه أن المستبد في لحظة جلوسه على عرشه يرى نفسه كان إنساناً فصار إلهاً , وأن حكومته المستبدة تكون طبعاً مستبدة في كل فروعها من المستبد الأعظم إلى الشرطي , إلى الفراش , إلى كناس الشوارع , و لا يكون كل صنف إلا من أسفل أهل طبقته أخلاقاً , لأن الأسافل لا يهمهم طبعاً الكرامة و حسن السمعة إنما غاية مسعاهم أن يبرهنوا لمخدومهم بأنهم على شاكلته , و أنصار لدولته , و شرهون لأكل السقطات , والدولة المستبدة تكون فيها المراتب بالطريقة المعكوسة و هي أن يكون أسفلهم طباعاً و خصالاً أعلاهم وظيفةً و قرباً , و لهذا لا بد أن يكون الوزير الأعظم للمستبد هو اللئيم الأعظم في الأمة.

ويقول أيضاً :
تظهر في دولة الإستبداد فئة من المتعاظمين بأسم الدين يقولون (يا بؤساء : هذا قضاء من السماء لا مرد له , فالواجب تلقيه بالصبر و الرضاء و الالتجاء إلى الدعاء , فاربطوا أسنتكم عن اللغو و الفضول , و اربطوا قلوبكم بأهل السكينة و الخمول , و إياكم و التدبير فإن الله غيور , و ليكن وردكم : اللهم انصر سلطاننا , و آمنا في أوطاننا , و اكشف عنا البلاء , أنت حسبنا و نعم الوكيل).

ويضيف أيضاً :
أن الإستبداد يتصرف في أكثر الأميال الطبيعية وكذلك في الأخلاق الحسنة , فيعمل على إفسادها ومحوها , ويشير كذلك بقوله أن الإستبداد يقلب القيم رأساً على عقب بحيث يصبح طالب الحق فاجراً , وتارك الحق مطيعاً , والمشتكي المتظلم مفسداً , والباحث المشكك ملحداً , والخامل المسكين صالحا أميناً , والرحمة مرضاً , والنفاق سياسة , والتحايل كياسة , والدناءة لطفا , والنذالة دماثة , وأن الدولة المستبدة ترغم حتى الأخيار من الناس على ألفة الرياء والنفاق.... ولا مزيد.


(أفلا يعقلون)
لكم الحكم الناقد أخيراً على ما يجري من حولكم , مكيافيليه او كواكبيه !!؟

تحذير
حتى نحن قد نكون من أصحاب النظرة المكيافيلية فأفتحوا عقولكم
وخذوا حذركم

فما أسهل لبس الأقنعة في يومنا هذا


مع أخلص التحايا
قناة التنوير بالتعاون مع شبكة تعايش

أسامة إسحاق


1 comment: