Tuesday, September 15, 2009

سلاح الدين بين الصالح والطالح _ مقال


سلاح الدين في قضية صعدة بين الصالح والطالح
قلم : اسامة اسحاق

أن أخطر الحروب فتاكة وضراوة هي تلك التي تبنى على أساس ديني وعقائدي والتي تجد لها الفتاوى المعلبة والجاهزة للتلاعب بأحاسيس المسلمين البسطاء فتدفعهم ليس للدفاع عن الوطن ولكن للفوز بالجنة والنجاة من النار , أن المتابع للحرب الدائرة في محافظة صعدة يدرك تمام الأدراك أن النظام برئاسة علي عبدالله صالح وكذلك جماعة الحوثي برئاسة عبدالملك الحوثي كلاهما قد أستخدم ذلك السلاح الفتاك والذي يجعل من المقاتل صامد في مكانه ليس دفاعاً عن وطنه ولكن دفاعاً عن ما هو أهم وأقدس وهو الله ورسوله , فقد أدخل الطرفان الدين في أدمغة محاربيهم ودنسوا ذلك الدين المقدس الذي لا يمكن أن يلتقي مع أجندة أحد منهم , والغريب في الأمر أن كل طرف في هذه الحرب يقاتل من أجل نصرة الله ورسولة بسبب تلك الفتاوى الدينية من الطرفين ,

الفكرالحوثي قد عرف من أين تؤكل الكتف فالمنتمي الى الفكر الحوثي وليس الى جماعة الحوثي وهناك فرق شاسع بين الأنتماء الى الجماعة أو الى الفكر , الأنتماء الى الجماعة قد يكون بناء على أسباب قبلية أو طائفية أو سياسية أو اقتصادية ولكن المنتمي الى الفكر وهو الأخطر على اليمن فهو أنتماء ديني عقائدي يرى في نفسة المدافع الأوحد عن الله ورسولة ويحمل مفهوم الصواب المطلق وهنا تكمن خطورته في رؤيته للطرف الأخر مقاتلاً في سبيل هدم شرع الله ورسوله , فلا يـثـنيه عن حربه تلك غير الموت في سبيل ما يؤمن به , أما المنتمي الى الجماعة وليس الفكر فقد يترك تلك الحرب المزعومة لمجرد تحسين وضع أقتصادي أو حتى تغيير نظام سياسي أو تحكيم عُرف قبلي فأنتماءه قائم على مسلمات أرضية قابلة للوصول وليست مسلمات سماوية وربانية وحق ألهي كما هي في أصحاب الفكر الحوثي , ولذلك كل ما زاد الأنتماء الى الفكر الحوثي كل ما تعقد حل القضية الصعداوية خاصة وأن عبدالملك الحوثي وزبانيته يلعبون كما يلعب الرئيس علي عبدالله صالح وحاشيته بالورقة الجوكر وهي الدين ,

فترى الحوثي في خُطبه يكثر من الأيات والأحاديث الشريفة والتي لا تنطبق على النظام ولكنه يستخدمها لكي يؤجج مشاعر أتباعة بأن الله ورسوله وقرأنه وآل بيته وملائكته وكتبه ورسله يحاربون معه , كما لا يخفى على المتابع لهذه الحرب أن الرئيس علي عبدالله صالح كعادته أستدعى الدين بأمر رئاسي مختوم بالطير الجمهوري فقام بعمل عزومة ليس للسياسيين والأقتصادين وعلماء الأجتماع والذين يستطيعون وضع صورة واضحة وحلول ناجعة علمية وعقلاينة للخروج من الأزمة الحالية , ولكنه أستدعى الورقة الأهم بالنسبة لمصالحه وهم رجالات الدين وأصحاب صكوك الغفران والمخولين بالتكلم بأسم الله بأعتبار أن العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء يتكلمون بوحي من السماء اذاً بحسبة بسيطة للمسلم البسيط رجال الدين أو ما نسميهم علماء الدين يتكلمون بوحي من السماء , فخرج علمائنا الأفاضل كما خرج من قبلهم من علماء السلطه وعلى مدار ثلاثة عشر قرناً بالقضاء على كل متمرد وخارج على النظام والسلطة حتى وان كانت فاسدة سياسياً وأدارياً وقضائياً وأجتماعياً وأقتصادياً وبما يساندهم من أيات وأحاديث وجدوا تطابقها تماماً على الحوثيين ولست لائمهم في تلك الفتاوى فمنها يقتاتون ويرزقون ويعيشون فشبعت البطون ونطقت اللسون كالمعتاد ,

نسوا أم تناسوا رجالات الدين أن هناك أمور أحرى بالتطرق لها بدل من أضفاء الصبغة الدينية السماوية لتلك الحرب , ألا يدرك ويعلم ويعايش رجالات الدين الفساد ونهب ممتلكات الوطن جهاراً نهاراً , ألا تستحق القضايا الوطنية من عدل ومساواة وأستقلال القضاء وأعطاء كل ذي حق حقه أن تغلف بفتاوى دينية كما يغلفون القضايا السياسية الأخرى والموافقة لهوى سلطانهم كلما استدعوا بأمر منه , أم أنهم جاهزون فقط لحشر الدين في السياسة واعطاء الأوامر المحمديه بجواز حرب بأتصال هاتفي وبوجبة عشاء دسمه من ثروات هذا الوطن المنهوب,

اللعبة السياسية هي دبلوماسية الكذب وهي متعارف عليها في العالم أجمع على أنها لعبة قذرة للوصول الى مصالح البلاد والعباد والتي تكون الهدف الأسمى لكل جماعة سياسيه على هذه البسيطة رافعين الشعار الميكيافيلي الغاية تبرر الوسيلة , ولكن عند أدخال الدين الى تلك اللعبة السياسية القذرة تجبرون العالم على وضع الدين الاسلامي موضع النقد والقذف والتشهير بأعتباره محركاً لتلك المفاهيم وراسماً لتلك السياسات القذرة , والغريب في الأمر أن الحرب التي أثقلت كاهل اليمنيين أقتصاديا وعسكريا وأجتماعيا وقبليا وطائفيا وبما ستخلفه من أرث سلبي نرى أن كل طرف في هذه الحرب قد أستعان بالدين لتبرير أفعاله فقد وجد كالمعتاد كل طرف في هذه الحرب ضالته ومن القرأن والسنة بما يجعل نفسه وجماعته هي الفرقة المختارة والناجية والمقاتلة في خندق رسول الله , وأعتقد بل وأجزم أن أبليس لو أراد أن يثبت ضآلته لوجد في القرأن والسنة ما يبررها , أن أخطر ما يهدد اليمن هم الأصوليين والذين يستـنبطون مفاهيم الحرب والسياسية وغيرها من الدين فعند معارضتك لهم تكون قد خرجت على شرع الله لأنهم بكل بساطه يتحدثون بأسم الله فهم يرفعون شعار إما معنا أو أنك ضد الله ورسولة , وما يدعوا للسخرية أن الطرفان في هذه الحرب يرفعان نفس ذلك الشعار, فألى أي خندق يقف ذلك المواطن الصعداوي البسيط والذي قد يقتل في حال أنتماءه لأحدهما وأعتقل من الطرف الاخر,

التاريخ الأسلامي يثبت أنه من أول يوم دخل الدين في السياسة دخل المسلمين بموجبها في حروب لا أول لها ولا أخر وورثها المسلمين الى يومنا هذا وكان أولها الحرب بين علي بن ابي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وأخرها اليوم بين علي بن ابي عبدالله صالح وعبدالملك الحوثي , فلا منتصر من حربهم هذه وأنما الخسارة هي الحصيلة النهائية للمواطن اليمني حتى وأن أنتصر أحدهما ميدانياً وعلى الورق,

اليوم أدرك تمام الأدراك أن الحرب لم تعد حرباً بين نظام وبين فئة خارجة مارقة كما كانت في السابق ولكنها قد تعدت ذلك المفهوم بفعل أستخدام الدين كوسيلة حرب من الطرفين , فنشاهد اليوم حرب وجود مذهبي وهو ما نراه في المعارك بين دماج والحوثيين فالقتال هناك ليس بين سلطة ومتمردين ولكنه بين سني وشيعي وهذا ما نسميه حرب مذهبية لن تنتهي بالقضاء على جماعة كما نعتقد فالفكر لا يقاتل الا بالفكر , كما أن الواقع يقول بأنضمام الكثير من الشيعة الى هذه الحرب يومياً ليس إيماناً بالفكر الحوثي ولكن دفاعا على وجود مذهبي بسبب الزج بالدين الى هذه الحرب الدنيئة , كما نشاهد اليوم حرب قبلية وهو ما نراه من توافد لقبائل حاشد للحرب صفاً مع المؤسسة العسكرية المستقلة قبلياً وطائفياً ومذهبياً والتي من المفترض أنها لا تخلف أي ثارات قبلية بعد الانتهاء من الحرب بسبب أستقلاليتها ولكن بدخول تلك القبائل في الحرب فتح الباب بمصراعيه على حرب قبلية لن تبقي ولن تذر فقبائل حرف سفيان في عمران المؤيده للحوثي بكيلية والقبائل القادمة الى أرضهم لمحاربتهم حاشدية فأنتظروا يا شعب اليمن ويلات الثارات القبلية التي لن تفرق بين صغير ولا كبير ولا رجل ولا أمرأة , كما نشاهد اليوم دخول حرب من نوع أخر وهي الحرب الأجتماعية وإن كان دخولها على استحياء والتي إن ظهرت على السطح ستأتي على الأخضر واليابس وقد بدأ المواطن اليمني يسمع أصوات تتعالى من هنا وهناك تنادي بالعنصريه الاجتماعيه خلال الحرب فهذا سيد وذاك قبيلي هذا قحطاني وذاك عدناني وتلك أرضنا وليست أرضكم وهلم مجره , والمتابع في الحرب يدرك أن الحرب الأجتماعية ليس ببعيدة فيما اذا أستمر الاعلام سواء من قبل الحكومة أو من قبل جماعة الحوثي أو حتى مثقـفي المجتمع اليمني على تبني أفكار من هذا القبيل,

نخشى ما نخشاه أن تتعدى الحرب اليمنية اليوم مفهوم الحرب بين سلطة وخارحين عنها الى حرباً دينية (سنية وشيعية كما هو الحاصل بين دماج والحوثيين ) وحرباً قبلية ( حاشد وبكيل) وحرباً اجتماعية (هاشمي وقبيلي او قحطاني وعدناني) وقد بدأت ملامحها تظهرعلى الوجود والتي لم تكن ظاهرة في الحروب الخمسة الأولى ,

كما لا يخفى على الجميع الدور الإيراني والسعودي في الحرب الدائرة في صعدة فكلاهما يحاول بسط أجندته الخاصة لتثبيت أركانه وتحقيق مصالحه في المنطقة , أجندتان مختلفتان في التوجه مشتركتان في الهدف وشعارهما ليذهب المواطن اليمني الى الجحيم وتبقى مصحالنا هي الاهم , فالسعودية تخشى من المد الإيراني الشيعي في جنوبها المتمثل اليوم بمحافطة صعدة والتي خرجت عن زمام حكم النظام اليمني المؤيد للنظام السعودي السني , فقد تصبح في يوم من الأيام مرتع خصب لتفريخ ما يسمى الأنتحاريين والأرهابيين لتهديد أمنها ومصالحها فتسعى جاهدة لدعم الجانب الحكومي لوقف ذلك المد الشيعي المهدد لمصالحها , وإيران ترى من مصلحتها توسيع نفوذها وقد استطاعت بكل جدارة خلق جناح عسكري قوي في شمال السعودية المتمثل بما يسمى حزب الله في لبنان وهو ما نسمعة علانية من قبل زعيمها حسن نصر الله في لبنان عندما يصرح "نحن جزء من ايران" فذلك ليس خفياً على أحد , وإيران ليس بالأمس ولكن اليوم عندما رأت قضية صعدة تطفو على السطح وجدت ضالتها بكل بساطه ودون عناء بسبب غباوة سلطاوية فقد بدأت بما لا يدع مجالاً للشك هذه الأيام بدعم الحركه الحوثية لتوسيع نفوذها وتنفيذ برامجها ووضع القدم الأخرى للمد الإيراني في جنوب السعودية بعد أن نجحت في شمالها , وكلها مصالح قذرة تدار من هنا وهناك والخاسر في الأخير هو المواطن اليمني , أما السلطة فهي غارقة في سبات عميق وضغوطات بسبب الديون المليارية والتي مسحت كلمة لا من قاموسها, كما أن الفكر الحوثي وجماعته المغسولة أدمغتهم والمغرر بهم لا يدركون أبعاد هذه العمليات التي يقومون بها فكل ما يدور في خلجاتهم البسيطة "لبيك يا حسين" و "الموت لأمريكا" ولو نظروا بكل بساطة الى السلاح المستخدم بين أيديهم لقتل اليمنيين لبعضهم البعض لوجدوا منحوت عليها ,
Made in USA
فأنت يا حوثي تقتل يمني بيد أمريكيه ولا تقتل أمريكي بيد يمنيه


واليمن كل اليمن ما وراء القصد

No comments:

Post a Comment