Monday, October 19, 2009

شعوب تهرب من أنتكاساتها باللجوء الى الماضي السحيق



شعوب تهرب من أنتكاساتها باللجوء الى الماضي السحيق
قلم : أسامة إسحاق

"ليس الفتى من يقول كان أبى، وإنما الفتى من يقول هأَنذا"

وقفة سريعة مع بعض الأسماء التي تعج بها منتديات ومدونات ومواقع وصحف ومجالات وأذاعات وقنوات الدول العربية حالياً

جابر بن حيان
ولد عام 101 هجرية
توفي عام 199 هجرية

الرازي
ولد عام 250 هجرية
توفي عام 311 هجرية

البيروني
ولد عام 326 هجرية
توفي عام 440 هجرية

الإصطخري
ولد عام 244 هجرية
توفي عام 328 هجرية

الخوارزمي
ولد عام 168 هجرية
توفي عام 232 هجرية

ابن النفيس
ولد عام 607 هجرية
وتوفي عام 687 هجرية


سنون مضت وقرون أندثرت وعظماء أكل الدهر منهم وشبع , ومن خلال تواريخ حياتهم ندرك مدى تخلفنا ليس خلال القرن الحالي فقط ولكن لك أن تأخذ تاريخ أخر عالم ونابغة عربي او أسلامي من المذكورين أعلاه وتعرف من بعدها عصور الظلام التي عشناها الى يومنا هذا

ولا أدري لماذا العرب دائما ما يتغنون بالماضي والتاريخ هل ذلك يعوضهم عن حاضرهم المفلس
أو هو هروب من الحاضر بكل بؤسة وإنحطاطه وعجزه عن مواكبة ولو قيد أنملة للحضارات الشامخة , يتوهم العرب دائما أن الماضي يمكن أن يكون حاضرهم والمستقبل وهم لا يعرفون أن الماضي مشروط بماضية , ولا يمكن على أية حال من الأحوال أن يشكل سنداً للمستقبل خارج الوصفات والمدركات الراهنة لمتطلبات الحاضر والمستقبل , التاريخ له إتجاه واحد ماضي ثم حاضر ثم الى المستقبل ولا يمكن أن يعكس إتجاهه, ومن أراد فرض نفسه في يومنا هذا فما عليه الا التغني بعلماء اليوم والعمل بفلسفتهم ومنطقهم وعقليتهم وليس بالتغني والتفاخر على قرون اصبحت نسياً منسيا

فالعرب أكثر الشعوب تغنياً بالماضي
فلا نرى اليونان في كل صحيفة ومجلة وبرنامج تلفزيوني يذكرون أفلاطون وسقراط وأرسطو , ولا نسمع الصينين أيضاً يكثرون من التحدث عن إنجازات وفلسفة كونفوشيوس و تس آن لوان , ولم نسمع الألمان يكسرون رؤسنا عن جوتبرج وأنه اساس كل شيئ لمجرد كونه المانياً , ولا حتى اليهود يمنون على العالم بالنابغة إينشتاين رغم أنه رحل من الحياة في القرن الماضي وليس قبل مئات السنين , ولم نسمع من الفرنسيين أطلاقا قولهم أن الفرنسي باستور هو أفضل نابغة وأنجح عالم على مر تاريخ البشرية , وكذلك الطليان لا يرددون أسم جاليليو في مدارسهم وشوارعهم وصحفهم لمجرد كونه أفاد البشرية قبل مئات السنيين , ولا حتى الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس تردد أسم عالمها العظيم نيوتن في كل حدب وصوب

حتى في التغني في الماضي لم ننجح فيه كمسلمين في زماننا هذا , فلم نسمع أحد منا مثلاً يتغنى بمن أسسوا وأعطوا لهذه البشرية الشيئ الكثير من غير المسلمين أمثال : اقليدس ولوثر كنغ وكوبرنيكوس وجيمس وات وفاراداي وماكسويل والاخوان رايت ولافوازييه وفرويد وشكسبير وادم سميث واديسون وماركوني وجرهام بل وفلمنج وماكس بلانك و وليم هارفي ومندل وليستر وديكارت وجان جاك روسو وفولتير وزرادشت ودالتون , والكثير الكثير ممن تعج بهم كتب التاريخ , ولكنهم في النهاية لا ينتظرون التغني بهم فقد أوصلوا رسائلهم ورؤاهم ورحلوا لكي نكمل المسيرة من بعدهم
ولكن لا حياة لمن تنادي


فلماذا نحن فقط في هذا العالم الفسيح من نظل نذكر ستة أوسبعة عظماء لكي نمن على البشرية بما قدموا ونظل نردد أسمائهم في كل مقابلة وبرنامج وحوار وكأن العالم كان مظلم الى أن وصلوا وانقذوا البشرية من الهلاك , فهم عظماء مكملين على الحضارة وليسوا كل الحضارة


مجتمعات عربية تعيش حياة النكبات والتخلف والاخفاقات والكوارث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية , وما زلنا نتغنى بالرازي والخوارزمي وإبن قوطبة وأبو شفلحة وخال بعسلة , يجب أن لا نعيش حاضرنا من أجل ماضينا , بل نعيش حاضرنا من أجل مستقبلنا الضائع في غياهب الجُب

واذا سألنا لماذا يعيش العرب هذا التخلف المنقطع النظير
ستكون الأجابة واحدة لا مفر منها
وهي أن شعوبنا ما زالت ترفض المشاريع النهضوية والتنويرية والتي تقوم اليوم على اساس الحرية والعدل والمساواة , جهلاً وليس قصداً
وإن الاستمرار بالتغني بالماضي السحيق للشعور بالرضى تجاه الأخرين هو ما يجعل معظم إنجازات عصرنا الحالي الفكرية والنهضوية والحضارية تكون من إنجاز الأخرين والذين أشتغلوا على الحاضر برؤية موضوعية على الماضي ليشيدوا بها المستقبل


هكذا يفكر الليبراليين

أخيراً كما قال احدهم
يجب توظيف الماضي وليس التغني بأمجادة

أجدادكم إن عظموا وأنتم لم تعظموا
فإن فخرَكم بهـم عارٌ عليكم مبرمُ
"العقاد"


تحية محملة
بأحترام الحاضر
ورفض الماضي السحيق
ومؤسسة لمستقبل منير
الأبداع وليس الأتباع
العقل وليس النقل

No comments:

Post a Comment